إن
صور أو مظاهر الرعاية الاجتماعية في الأديان السماوية فهي كثيرة و متعددة،
و في الحقيقة أن ما جاءت به الأديان يعني في جوهره المظاهر الحقيقة لبداية
الرعاية الاجتماعية على اختلاف مجالاتها الشاملة لكل فئات المجتمع
الإنساني في كل مكان و زمان. و السؤال الذي يطرح نفسه لماذا جاءت الأديان
السماوية؟ و بماذا جاءت؟ و لمن جاءت؟
لا شك أن الأديان السماوية
الثلاثة اليهودية و المسيحية و الإسلام مصدرها واحد هو الله الأحد الصمد
سبحانه و تعالي، و بالتالي فإن هذه الأديان تعتبر ثورات اجتماعية على أوضاع
فاسدة كانت سائدة بين البشرية في تلك لعصور المظلمة،
وما حدث عند الفراعنة و الإغريق و الرومان و العرب في الجاهلية و غيرهم
من الأمم الأخرى، استجابة من الله لدعوة الضعفاء و المستبعدين من الفقراء،
من أجل هذا بعثت الرسل و الأنبياء، فجاء موسي عليه السلام بالديانة
اليهودية كرد فعل على تلك الأوضاع السيئة التي كان يعيشها اليهود، و تقوم
الشريعة الموسوية على ثلاثة مبادئ أساسية و هي ( الحق، العدل، السلام) و
التي تدعو إلى مملكة الله فوق الأرض حتى تسود فيها هذه المبادئ السامية
التي أنزلها الله على موسي ليدعو بني إسرائيل إلى تطبيق مبادئ الحق و العدل
و المساواة.
و عندما انحرفت الديانة اليهودية عن هذه المبادئ السامية أرسل الله
رسوله عيسي ابن مريم لقومة ليصحح مسار الديانة اليهودية، حيث دعاهم إلى
مملكة الله في السماء- التي تخلو من الرذيلة و تنتشر فيها الفضيلة- و لكن
بعده اختلف الناس و دعا الظلم و تعرضت الديانتان اليهودية و المسيحية إلى
التحريف و التزييف و التلاعب بهما حسب أهواء معتنقيها.
فجاء الإسلام و هو خاتم الأديان بثورة اجتماعية شاملة لكل جوانب الحياة
البشرية كافة صالحاً لكل زمان و مكان على يد نبي صادق أمين، ( محمد علي
أفضل الصلاة و السلام) وما يتضمنه الإسلام من تعاليم عظيمة جليلة شاملة
لحياة الإنسان في الدنيا و الآخرة، و هو المصدر الأول و الأخير للتشريعات
التي تنظم حياة الفرد و الأسرة و المجتمع بأن جعل الناس سواسية في الحقوق و
الواجبات، و الدين الإسلامي هو الذي نادي بالتكافل الاجتماعي من هذا
المنطلق، فهو المصدر الأول للرعاية الاجتماعية الحديثة و الشاملة لكل فئات
المجتمع و باتساع مجالات الحياة المختلفة، فهو زاخر بمظاهر الرعاية
الاجتماعية التي أصبحت في العصر الحديث حقاً.
تكلفة الشريعة الإسلامية لكل إنسان في العالم اليوم، ووضع الإسلام السبل
التي يتم من خلالها تمويل مظاهر الرعاية الاجتماعية من خلال مصارف الزكاة و
الأمور الأخرى كالوقف و الكفارات و الصدقات و غيرها.
إن التعاليم الدينية مصدرها واحد هو الله سبحانه و تعالي، بنيت أساساً
على عدم استغلال الإنسان لأخية الإنسان، و إعادة تشكيل العلاقات على أساس
التسامح و العدل و المساواة بين الناس كافة وربط الرعاية الاجتماعية
بالعقيدة الإسلامية، مصداقاً لقول رسوله محمد صلي الله عليه و سلم " كلكم
راع و كل راع مسؤول عن رعيته".
لا شك أن للإنسان حاجات أساسية متعددة تنبع من تكوينه البيولوجي و
النفسي و الاجتماعي، و تلح هذه الاحتياجات طلباً للإشباع حتى يستطيع
الإنسان أنن يستمر في الحياة، و يؤدي عدم إشباعها إلى تعرض حياة الإنسان
للخطر.
و من صور هذه الحاجات الحاجة للغذاء، الكساء، المأوي، التعليم، الرعاية
الصحية، العمل المناسب، التأمين ضد البطالة و الشيخوخة و المرض و العجز.
وقد ظهرت على مدي التاريخ جهود تستهدف مساعدة الإنسان عند الحاجة و
العجز باعتبارها رعاية صادرة من كل الناس، و موجهه نحو كل الناس انطلاقاً
من دافع فطري لتقديم العون و الخير للمحتاجين و مساعدتهم.
و يطلق على جهود الإنسان لتوفير الخدمات لإشباع احتياجاته مصطلح الرعاية
الاجتماعية، فالرعاية الاجتماعية تشمل كافة مجهودات الإنسان في توفير
برامج الخدمات لإشباع حاجاته المتنوعة، كما يشكل أيضاً نظم هذا الإشباع و
تنظيماته، ومن ثم فالرعاية الاجتماعية ظاهرة اجتماعية دائمة عاشت عبر
الإنسانية كلها و ستظل تعيش لأن عنصر الضرورة يحكمها، طالما أن الإنسان
يعجز عن إشباع حاجاته المتعددة و المتجددة و في نفس الوقت يعجز المجتمع عن
إشباع هذه الحاجات في غالب الأحيان، كما أن طبيعة الحياة في المجتمعات تخضع
إلى حد بعيد لنظرية الدوافع فأينما وجد ظالم وجد مظلوم، و أينما وجد
أغنياء يملكون النقود وجد فقراء محرومون، و طالما أن الكوارث الطبيعية و
النكبات متوقعة و محتملة فسيسقط بالضرورة أناس صرعي لهذه الكوارث و النكبات
ما لم تقم في المجتمع وسائل فعالة لمواجهتها أو للتخفيف من حدتها و
الوقاية من آثارها. المجتمع و الإنسان رغم أنهما يتسببان في خلق المتاعب،
إلا أنهما لا يلبثان أن ينفعلا لها فيسعيان للمساعدة في حلها.
و تعود نشأة الرعاية الاجتماعية إلى العصور القديمة حيث لعبت دورها
الكبير بمفهومها التقليدي البسيط المتمثل في رعاية الإنسان لأخية الإنسان. و
لذلك، فالقبيلة هي أساس المجتمع، حيث كانت هي الوحدة الاجتماعية المعروفة و
لم تكن إلا كياناً سياسياً حكومياً... سلطة تعتمد على العصبية القبلية و
على الرأي العام المحدود في القبيلة و على احترام أهلها له.
و كان لكل قبيلة مجلس، يسمي الملا أو النادي أو الندوة يجتمع فيها
أشرافها و يتناولون الرأي في أمور المهمة خاصة في مسائل القتال أو الغزو. و
ترتب القبائل إلى ست مراتب أو طبقات هي ( شعب ثم قبيلة ثم عمارة ثم بطن ثم
فخذ ثم فصيلة).
فالشعب منه تشعبت القبائل ثم القبيلة التي انقسمت للعمارة ثم البطن
نتيجة لانقسام العمارة ثم الفخذ و هو ما انقسمت فيه أنساب الفخذ. و الفخذ
يجمع القبائل، و البطن يجمع الأفخاذ، و العمارة تجمع البطون، و القبيلة
تجمع العشائر، و الشعب جمع القبائل. و إذا تباعدت الأنساب صاررت القبائل
شعوباً، و العمائر قبائل.
السقاية و العمارة/ و تشمل الآبار و تأمين النظام في المجتمع.
العقاب.
اللواء و الندوة و الحماية أو السدانة: تولي القيادة في القتال، و
التجارة، ورئاسة مجلس القبيلة، و حراسة مفاتيح الأماكن المقدسة و خدمتها.
السافرة: تمثيل القبيلة في شؤون الصلح بعد القتال، و في مفاوضة سائر القبائل، و في المنافرة و المفاخرة.
الرفادة: الإشراف على تحصيل الضريبة التي تصرف على الفقراء
المشورة: إعطاء الرأي في الأمور المختلفة
الإنفاق أو الديات: و يعني الجمع و الدفع
القبة: حراسة مؤن الجيش و قيادة الخيل
الحكومة و الأموال المجرة: إدارته الغنائم المخصصة للآلهة.
الإيسار أو الأزلام: الإشراف على السهام التي كان العرب يستقسمون بها لمعرفة رآى الآلههة.
اضافة تعليق